عـــــــــاجل : العميد أحمد رحال يفتح النار على أعضاء الائتلاف الوطني

عـــــــــاجل : العميد أحمد رحال يفتح النار على أعضاء الائتلاف الوطني

الائتلاف الوطني… وأد الجيش الحر … فوأده أصدقاؤه

انطلقت الثورة السورية بعفويتها وسلميتها وجابت أحياء المدن و البلدات السورية تنشد الحرية, وعندما أشتد ظلم النظام وقتله وأوغل بسفك دماء الأحرار, صاح المجند في الجيش السوري (وليد القشعمي) صيحته المشهورة: لن أقتل أهلي وانشق معلناً أول حالة انضمام للشعب, وتتالت بعدها الانشقاقات من صفوف جيش الأسد القاتل وتم تشكيل لواء الضباط الأحرار بقيادة المقدم البطل حسين هرموش (عجل الله بفك اعتقاله), ومن ثم قام العقيد رياض الأسعد مع بضعة ضباط بإطلاق تسمية الجيش السوري الحر والذي أصبح فيما بعد المظلة العسكرية لكافة الكتائب المسلحة التي انتشرت على معظم المساحة الجغرافية لسوريا الثورة, وأصبح الجيش السوري الحر ممثلاً للثورة وحاميها وانطلقت حناجر المتظاهرين لتنادي: الجيش الحر يمثلني.
كان أعضاء المجلس الوطني (كقيادة سياسية للثورة) حينها يتباركون بزيارة معسكر (أبايدن) للضباط في تركيا وفائزهم من حظي بالجلوس مع الضباط والمنشقين من صف ضباط وأفراد والأوفر حظاً منهم من استطاع أن يحظى بصورة على جواله تجمعه مع بعض هؤلاء الضباط.
وشيئاً فشيئاً باتت فصائل الجيش الحر أكثر بريقاً وتمدداً على ساحات القتال وابتدأت معارك التحرير وامتد ذلك حتى الشهر الثامن من عام 2012 عندما تدخلت الأيديولوجيات والأجندات السياسية وشكلت ما يسمى القيادة المشتركة للجيش الحر ومن ثم قيادة الجبهات ومن بعدها أتى مؤتمر أنطاليا الذي أفرز رئاسة الأركان والمجلس العسكري الأعلى والذي أصبح يسمى فيما بعد (بمجلس الثلاثين المبشرين بالجنة نظراً لاستحالة تغييره) وبدأت الثورة بالتراجع وتناقصت معها المساحات المحررة ودخلت الأجندات السياسية للداخل وتحولت معظم الفصائل لميليشيات أو مرتزقة تتبع لهذا التيار أو ذاك الحزب, ومنها من أصبحت ذات تبعية إقليمية أو دولية.
مع إنشاء الحكومة السورية المؤقتة في عنتاب أصبحت لدينا وزارة دفاع وأقيل العميد سليم إدريس عن رئاسة الأركان وتم تنصيب العميد عبد الإله البشير بديلاً عنه ومع هذا الإجراء الذي أغضب دولاً عربية وإقليمية ودولية, توقفت كل أشكال الدعم العسكري عن فصائل الحراك المسلح, وانقسمت القوى الثورية لأقسام ثلاث هي:
– قسم أول من الكتائب والألوية والجبهات أصبحت تتبع لبعض رجال الائتلاف من خلال المال السياسي الذي يقدم لهم من الدول الداعمة للثورة, فأعطيت لهم الولاءات وبحسب ما يدفعون وتحولت البندقية لمزاد علني تعلن ولاءها وتقدم خدماتها وبياناتها المصورة لمن يدفع أكثر.
– قسم ثانٍ من الحراك المسلح أصبح رهناً لداعميه من رجال دين قدموا من خارج البلاد وحقائبهم حبلى بالأخضر والأزرق فأرضاهم البعض بلبس السراويل وإطلاق الذقون تقرباً (منهم من كان صادقاً ومنهم من فعلها إرضاءاً للمال الذي يقبضه).
– والقسم الثالث والأخير وهم القلة من الذين حافظوا على مبادئ وأهداف ثورة الشعب السوري, فهؤلاء وقع عليهم الحجم الأكبر من التفقير والتعطيش والتجويع ومُنعت عنهم كل مقومات البقاء والاستمرار, ولضمان إضعاف تلك الفئة قاموا بإبعاد الضباط, بفكرهم العسكري المختص وخبراتهم إلى خارج الحدود, بعد أن كالوا لهم شتى النعوت كمرتدين أو كفرة أو ضباط تربية الأسد وغيرها من الصفات التي جعلت فصائل الثورة تنفر منهم وتبعدهم إلى مخيمات اللجوء والنزوح بعيداً عن ساحات القتال وأمكنة تواجدهم الطبيعي.
كل تلك التحولات على الأرض, مع ضياع كتائب وفصائل الجيش الحر, كانت تجري على مرأى ومسمع ممن أسمت نفسها قيادة سياسية للثورة السورية (المجلس الوطني), ولكن ذروة التدمير كانت على دور الائتلاف الوطني لقوى الثورة وبرعايته, لأن تدمير مؤسسة الجيش الحر كان رغبة لبعض أعضائه من أجل ضمان الانفراد بالسيطرة على بعض القوى المسلحة, وبنفس الوقت إرضاءً لمطالبٍ غربية وإقليمية طامحة بالتحكم بمفاصل الثورة وإطالة عمرها وجعل الثورة السورية حرباً استنزافية ضد أعداء الغرب في المنطقة (حزب الله وإيران), وأيضاً من أجل جعل سوريا ساحة لتصفية “الجهاديين” غير المرغوب بتواجدهم في المجتمعات الغربية, وبذلك تلاقت المصالح الغربية مع مصالح بشار الأسد (الذي وصف حربه على الثورة ومنذ البداية أنها حرباً ضد التكفيريين والإرهابيين).
هذا الانجاز الذي قدمه رجال السياسة (المعارضين) من خلال وأد الجيش الحر وبمالهم السياسي, أنتج فيما بعد ظاهرة أمراء الحرب, هؤلاء الذين توغلوا بالداخل السوري وامتلكوا المقدرات المادية والعسكرية, والتي أوصلتهم للتحكم بمعظم المناطق المحررة, وأصبح أمراء الحرب أكبر من سادتهم ممن أوجدهم (رجال السياسة), بل وأصبحوا مالكي القرار العسكري للثورة وحتى السياسي أحياناً, وأصبح بعض رجال السياسة من أعضاء الائتلاف أتباعاً لأمراء الحرب, يتراكضون لاسترضائهم ورشوتهم لضمان ولائهم واستمرار (بروظتهم), وقد خسرت الثورة مدينة حمص والقصير والقلمون وكادت أن تطوق مدينة حلب في الوقت الذي كانت فيه تكتلات الائتلاف تتناحر على اقتسام المناصب والمقاعد وعلى عزل أو إعادة تنصيب الحكومة, لكن هذا العمل اللامسؤول الذي مارسته قيادة (الائتلاف) بحق الثورة وفقدانها أي تمثيل حقيقي على الأرض, انعكس موقفاً دولياً وعربياً تجلى بتهميشهم وإقصائهم بل وإدخالهم بحالة موت سريري, أوصلتهم لتصديق مقولة: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.
مع هذا الواقع المتردي للحراك المسلح والسلوك السياسي الهابط لقيادة (الائتلاف), تراجع المد الثوري وتناقصت نوعاً ما المساحات المحررة, وفقد الغرب ثقته بالقوى (المعتدلة) داخل الحراك المسلح وضاع الجيش الحر ومعها ضاعت هيبة بعض رجال الائتلاف الوطني بل كل الائتلاف.
وفي النهاية نقول: هذا ما حصدناه من عبثيات رجال (الائتلاف الوطني) والقيادة العسكرية التي نصبها وتظهر عجزهم عن قيادة الحراك المسلح التي أدت لقتل مؤسسة الجيش الحر, التي كانت تبنى عليها آمال الشعب السوري بعد هيكلتها وتأطيرها كمؤسسة عسكرية ثورية تعطي الضمان والمصداقية للثورة, وتكون الذراع العسكري للقيادة السياسية, سواءً باعتمادها الخيار العسكري لإسقاط النظام أو بخيارها السياسي التفاوضي كقوة ضاغطة يعتمد عليها في فرض شروط وأهداف الثورة, وتكون القوة الضامنة للمرحلة الانتقالية, وما بعدها, وتؤمن تطبيق العدالة الانتقالية وتمنح الثقة المطلوبة للغرب من خلال وجود قوة عسكرية منضبطة قادرة على استلام زمام المبادرة والتحكم بمجريات الأحداث إذا ما تنحى أو أٌسقط نظام (الأسد).
ولكن ومع كل تلك الإخفاقات للقيادة السياسية للثورة السورية ومع كل محاولاتهم لطمس معالم الجيش الحر, يبقى في عنفوان الداخل وتجاوزه لكل تلك المنغصات, الأمل بعودة شعلة الثورة السورية للتوقد والبريق, ولنا بالجبهة الشامية في حلب وبما يفعله ثوار الجنوب ومقاتليهم في ريف درعا والجولان مثالاً يحتذى به, عندما جعلوا كل تلك القيادات الخارجية (السياسية والعسكرية) خلف ظهورهم, واعتمدوا على الله أولاً ومن ثم على شعبهم وقدراتهم, ووحدوا صفوفهم وشكلوا غرفاً موحدة لعملياتهم, وانتقلوا لتحرير أرضهم, جاعلين من مستودعات النظام وغنائمهم وتصنيعهم مصدر إمدادهم, متناسين كل شيء خلف الحدود, فحققوا الانتصارات وبات الهدف الأسمى الجديد الذي وضعوه نصب أعينهم هو تحرير حلب والعاصمة دمشق فهل يستطيعون الوصول؟؟ …. نعم هم قادرون على ذلك بإذن الله.

العميد الركن أحمد رحال

شارك