السلطة الرابعة : توضيحات هامة : الألمانية بيترا بيكر. ما وراء أنباء استقبال اللاجئين السوريين في ألمانيا ؟

السلطة الرابعة : توضيحات هامة : الألمانية بيترا بيكر. ما وراء أنباء استقبال اللاجئين السوريين في ألمانيا ؟

أدت الكارثة الإنسانية في سوريا والبلدان المجاورة لها إلى لجوء عدد متزايد من السBecker_Petra_webوريين إلى شمال أوروبا بصورة غير شرعية وعدد كبير منهم متوجهين إلى ألمانيا تحديدا. هناك أسباب عديدة لهذه الظاهرة ومنها وجود جالية سورية كبيرة في ألمانيا أصلا واستقبال ألمانيا عشرين ألف من السوريين في برنامج تقديم الحماية الإنسانية في السنتين الماضيتين وربما السبب الرئيسي هو التغيير النوعي في سياسة الهجرة الألمانةا في العام الماضي حيث تمت إعادة النظر في أوضاع اللاجئين مما أدى إلى تحسين أوضاعهم وتقديم فرص أفضل للدراسة والتأهيل المهني والعمل لهم وهذا أمر جيد بطبيعة الحال.

موجة اللاجئين الذين يصلون إلى ألمانيا حاليا عبر طريق البلقان تشكل تحديا فعليا أمام السلطات الألمانية والمنظمات الخيرية. إلا أن هناك عدد كبير من المتطوعين الذين يساعدون من ينتظر أمام مراكز تسجيل لللاجئين. هناك نقد لاذ من النشطاء لأن الإجراءات التي تؤخذها السلطات تبدو دائما متأخرة وغير كافية لمثل الأعداد التي تصل ألمانيا يوميا. فهناك من ينام في الشارع لعدم وجود مأوى وهناك من يحتاج إلى طعام أو معالجة طبية. تفوق موجة التعاطف مع اللاجئين توقّع الكثيرين لكن الجميع مدرك أن وصول هذه الأعداد من اللاجئين ضمن فترة قصيرة يشكل تحديا كبيرا.

من المؤسف أن هناك من ينشر أخبار مبالغة فيها أو حتى مزيّفة في بعض الأحيان عن استعداد ألمانيا لاستقبال عدد خيالي من اللاجئين السوريين. بغض النظر عن أسباب نشر هذه الأخبار غير الصحيحة فهي تضر اللاجئين السوريين ولا تساعدهم. سوء التفاهم الأول: لا يوجد خطة لاستقبال عدد متزايد من اللاجئين بشكل نظامي تداولت بعض الصفحات الاجتماعية على الانترنيت خبر ينص على أن ألمانيا تخطط لاستقبال ما يفوق ثمانمئة ألف لاجئ سوري حتى نهاية العام الحالي. هذا الخبر عار عن الصحة تماما.

ما تم نشره فعلا من قبل الدائرة الألمانية لشؤون الهجرة واللاجئين (BAMF) هو أن عدد اللاجئين الذين سيصلون إلى الأراضي الألمانية لنهاية العام 2015 قد يفوق ثمانمئة ألف لاجئ. أي ليس هناك خطة لاستقبال هذا العدد من اللاجئين بشكل نظامي ولكن هناك توقّع عدد كبير من اللاجئين غير الشرعيين مما يتطلب من السلطات الألمانية جهود متزايدة لتأمين المأوى والاحتياجات الأساسية لهم. وأيضا المقصود هو العدد الإجمالي لللاجئين وليس السوريين فقط فهناك عراقيون وأفغان وإفريقيون وألبان إلخ…..

هناك ضغط من نشطاء حقوق الإنسان على الحكومة الألمانية لكي تستقبل مزيدا من السوريين بشكل نظامي. ولكن الجواب هو أن عدد السوريين الذين وصلوا الأراضي الألمانية بصورة شرعية أو غير شرعية وصلت إلى مئة وخمسين ألف منذ 2011 وأن من حق هؤلاء جذب أقربائهم من الدرجة الأولى (أي الزوج أو الزوجة والأولاد القاصرين) وأن هذا سيؤدي إلى تزايد اللاجئين إلى حد النصف مليون بشكل تلقائي.

سوء التفاهم التاني: إلغاء نظام دبلن كما أدى خبر غض النظر عن نظام دبلن بالنسبة لللاجئين السوريين إلى توقعات غير واقعية. في الحقيقة الحكومة الألماينة قررت أن تغض النظر عن نظام دبلن (والذي ينص أنه على اللاجئين إلى أوروبا أن يقدموا طلب اللجوء في أول دولة أوروبية يصلون إليها) بالنسبة للاجئين السوريين لعددهم الكبير حيث لا يتمكن دول الجنوب مثل اليونان أو أيطاليا استقبالهم جميعا أو لسبب عدم التزام دول مثل بلغاريا وهنغاريا بواجباتهم الأساسية تجاه اللاجئين.

فلا يطبق هذا على دول آمنة مثل فرنسا أو النمسا على سبيل المثال. سوء التفاهم الثالث: لا يوجد سفن متجهة إلى البحر الأبيض المتوسط لنقل اللاجئين إلى ألمانيا ظهر في اليومين الماضيين خبر مزيّف عن نية ألمانيا لنقل اللاجئين السوريين من تركيا إلى ألمانيا مباشرة وذلك على متن الأسطول البحري الألماني. أيضا هذا الخبر عار عن الصحة تماما كما يؤكد مكتب المستشارة الألمانية ووزارة الخارجية الألمانية. تتوقع وزارة الخارجية الألمانية أن هناك من يروج مثل هذه الأخبار ليستفيد ماديا من بيع تذاكر في مثل هذه السفن الافتراضية أو تأشيرات مزيّفة.

سوء التفاهم الرابع: البطل هو المجتمع المدني الألماني وليس السيدة ميركل يستغرب المجتمع الألماني من صفحات الفيسبوك السورية والتي تعبر عن حبها للسيدة ميركل – كما أنه يستغرب من الغضب عليها لأقوال لم تقلها اصلا كما أشار إليه الدكتور صادق الموصلي مشكورا في هذا الموقع قبل بضعة أيام. المجتمع المدني والصحافة الألماينة هما اللذان يضغطان بإصرار وإلحاح على الحكومة الألمانية لاستقبال اللاجئين وإيوائهم بشكل مناسب.

هؤلاء الذين ينبغي أن نشكرهم فالقرار السياسي في دولة ديموقراطية غالبا نتيجة التداول بناءا على ضغط من المجتمع المدني وليس قرارا فرديا. Petra Becker Research Fellow Forschungsgruppe Naher / Mittlerer Osten und Afrika Stiftung Wissenschaft und Politik (SWP) Print Friendly Becker_Petra_web السلطة الرابعة : بيترا بيكر : كلنا شركاء

شارك