
السلطة الرابعة : المحامي محي الدين لالا . تركيا بين سياسة العصا الغربية والجزرة العربية !
بعد معاهدة لوزان التي عدلت معاهدة سيفر المتعلقة بشروط تقسيم ومحاصصة تركة الرجل المريض الامبراطورية العثمانية من قبل بريطانيا فرنسا وايطاليا في سيفرحيث , تنازل العثمانيون عن جزر قبرص ومكاسب في العالم الاسلامي والعربي مقابل حصولهم على اجزاء من سوريا التاريخية التي كانت تمتد لمساحة 360 الف كيلومتر مربع وليس 185 الف كيلومتر كما هي اليوم.
أعيد ترسيم الحدود مع سوريا بما يشمل ضم أراض واسعة ,ضمت من الغرب إلى الشرق مدن ومناطق مرسين وطرسوس وقيليقية وأضنة وعنتاب وكلس ومرعش واورفة وحران وديار بكر وماردين ونصيبين وجزيرة ابن عمر ,وهذه من الأراضي السورية الطبيعية وتحولت بذلك تركيا الى منفذ ليساسة الغرب وصمام امان .
فهي بوابة اوروربا وتم لاحقاً ادخالها تحت الجناح “الغربي “بضمها الى حلف شمال الاطلسي وسارت بركب السياسات الغربية ,تمثل ذلك بمصطلح ” بتركيا قوية ” على اعتبارها بوابة لأمن أوروبا وممنوع عليها ان تتحول الى امبراطورية تبعث من جديد فكانت دائما مكاسبها يتكون في العمق العربي تمثلت في حصر “العراق و سوريا ” مقابل خسائر في العمق الاستراتيجي الدولي والسياسة الدولية .
قبلت تركيا بذلك الدور في ذلك الزمان وبذات الوقت كلما حاولت النهوض كان “الاسفين” الكردي الأرميني موجود في الداخل, الملف الكردي الذي تم إيقاف تقسيم تركيا فيه وفق معاهدة سيفر والذي نص على انه من حق سكان إقليم كردستان اجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم الذي يضم ولاية الموصل وفقا للبنود 62-64 من الفقرة الثالثة.
علق الموضوع في حينها ليبقى الى اليوم ورقة ضغط دولية في الداخل ,وورقة الضغط الأخرى ملف محاكمات ” مجازر الارمن ” مما جعل تركيا بين المطرقة والسندان وكلما حاولت ان تخرج عن هذا الاطار الذي وضعت فيه كبوابة وحارس امين لاوروبا ومنفذ لسياسة الغرب, يتحرك واحد من الاسفينين على الفور .
اتضح ذلك من خلال معركة مدينة “كسب” على الساحل السوري بشكل كبير واتضح ذلك عندما تحرك الملف الأرمني بشكل سريع ,عن طريق فرنسا احد اطراف معاهدة لوزان 1923 ومعاهدة سيفر, وعلى الفور تم تسليم كسب لقوات للاسد وبضغط من فرنسا .
من ثم ” كوباني ” الاسفين الاخر حيث اتضح من خلاله دعم الأحزاب الكردية عسكرياً واعلامياً من قبل الغرب , لمواجهة ” داعش ” مما قد يشكل تهديداً لتركيا وذلك بتنامي هيمنة الاحزاب الكردية المسلحة على مناطق واسعة متاخمة للحدود التركية , ومن ثم تعتبر أمريكا حزب ” الب كي كي” حزباً إرهابياً وفي نفس الوقت ترفض اعتبار “وحدات حماية الشعب” الكردية في سوريا تنظيمًا إرهابيًّا، رغم طلب تركيا لذلك مراراً وتكراراً .
في سياسة العصا والجزرة القديمة الجديدة , عاد اليوم للواجهة الملفين معاً, لكن اليوم كانت العودة عن طريق الروس بالتنسيق مع الغرب, ووضع الروس بالواجهة هذه المرة , وعلى نفس واحد مع الغرب ( تركيا ممنوع عليها التدخل بملفات سياسة المنطقة . الا كمنفذ لارادة الغرب مقابل مكاسب في الداخل العربي من جديد)كاستخدام الليرة التركية في حلب مثلا كعملة رسمية . ومكاسب أخرى ستتكشف مع الآيام
وما تصريح اردوغان اليوم بأنه قد يكون للاسد دور في حكومة انتقالية ان “صح التصريح ” … ما هو الا تحول من محاولة ان تكون تركيا صانعة للقرار الى منفذة لارادة الغرب والقوى العظمى, وربما مقابل مكاسب لم تعلن بعد .
وتتكرر اللعبة من جديد على حساب الأضعف على الدوام , وكما هو معلوم الأضعف هم “العرب ” فهاهي الكعكة العربية تقسم من جديد …
السلطة الرابعة : محي الدين لالا : محامي سوري