
السلطة الرابعة : فواز تللو ..من يستحق التطمينات والاعتذار قبل فوات الأوان، السنة أم الأقليات !؟
منذ بداية الثورة كنت ولا زلت أقول لكل سياسي غربي، والأهم لكل شخصية اجتماعية أو دينية من الأقليات: النظام العلوي لا يحمي الأقليات “غير العلوية” بل يختبئ خلفها مضحيا بها لتحميه.
المشكلة أن كثيرا من القادة الاجتماعيين للأقليات وخاصة رجال دينهم كانوا يرغبون بتصديق كذبة النظام مع علمهم ضمنا أنها كذبة، لا لأنهم يخافون على مستقبلهم من الأكثرية السنية كما يدعون، بل لأنهم طائفيون حاقدون وجدوها فرصة للغدر، جارين ورائهم طوائفهم في هذه المحرقة.
لا أدري بعد أن اقتربت نهاية النظام العلوي إن كانوا سيصحون من حقدهم ويوجهوا طوائفهم مع رياح الثورة ليفكوا ارتباطها بالنظام العلوي ويحموها من مصيره إن بقيت إلى جانبه حتى نهايته المحتومة.
أرجو أن يصغوا لصوت العقل وإعادة الحسابات “البراغماتية” قبل فوات الأوان (فلا ضمير ولا دين ولا أخلاق لدى هؤلاء القادة الاجتماعيين والدينيين لأخاطبه)، فلحظة نهاية النظام العلوي باتت قريبة، أن يبادروا من أجل طوائفهم التي عاشت بسلام وسط الأكثرية السنية، أن يبادروا من أجل سوريا جديدة حرة ديموقراطية حلمنا بها “نحن السنة” منذ قامت الثورة بينما استبسل قادة الأقليات (خاصة العلويون والمسيحيون) للحفاظ على ديكتاتورية طائفية متخلفة متوحشة، حلم وردي لـ”السنة” الذين صنعوا الثورة وعمل النظام العلوي وأنصاره بين قادة هذه الأقليات على صبغه بدمائنا ومعاناتنا كأكثرية سنية ما استطاعوا لذلك سبيلا وبقدر ما حملوه من حقد مريض، أرجو أن يبادروا من أجل أصدقاء لنا جميعا بين هذه الأقليات، أرجو أن يبادروا قبل فوات الأوان “عليهم” من أجلنا جميعا نحن السوريون السنة الذين صنعوا الثورة، وجمهور أقليات استخدمهم النظام العلوي وقادتهم حطبا في حربه، أن يبادروا من أجل سوريا الجديدة الآتية لا محالة بإذن الله رغم أنفهم وأنف العالم الطائفي الذي يحرقهم بنار حقده الطائفي، أرجو أن يبادروا ليكون للأقليات كلمة مسموعة باعتبارهم شركاء في الثورة والتغيير، فالشريك في قمع الثورة لا صوت بل لا مكان له في سوريا الجديدة.
لأن هذه مقالة للحقيقة التي يبدأ عندها الحل؛ وبعيدا عن التكاذب الرخيص الذي يتقنه مطلقو الأكاذيب والبربوغاندا؛ لذلك أسأل: كم طفلا علويا أو لأي أقلية انتمى، كم من هؤلاء قتل الثوار السوريون بكل فصائلهم الإسلامية (باستثناء داعش التي لا علاقة لها بثورتنا بل تحاربها)؟ كم طفلا مات تحت التعذيب أو بالكيماوي أو الجوع بسبب حصارهم له؟ كم طفلا فقد أطرافه بسبب قصفهم؟ كم طفلا قتلوا في مجازرهم؟ كم امرأة اغتصبوا؟ كم مدنيا قتلوا في القصف والمجازر؟ كم بيتا نهبوا؟ الجواب القاطع على كل الأسئلة: تقريبا لا أحد.
بالمقابل قتل العلويون وأنصارهم الطائفيون الأقلويون ثلاثون ألف طفلٍ من “السنة” منهم المئات تحت التعذيب، ومثلهم من النساء قتلا وتعذيباً، وما يقارب الثلث مليون مدني شهداء القصف، واغتصبوا عشرات آلاف النساء، وتعرض ثلث مليون للإعاقة منهم عشرات آلاف الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، وهجروا اثني عشر مليون سني سوري ونهبوهم، ولا زالوا يعتقلون ربع مليون “سني” يموت منهم يوميا ما لا يقل عن ثلاثمائة شهيد، وكلها جرائم ارتكبوها بحقدٍ طائفي ظهر بألف طريقة.
بعد ذلك يسألونك عن تطمينات للأقليات وخاصة العلويين والمسيحيين، قادة الأقليات الذين يتكلمون عن تطمينات هم شركاء في الجريمة، وكل معارض “سني” يتكلم مثلهم خائن سيُحاسب أو مخرب تافه سيُحجر عليه، وكل مسؤول دولي يتكلم مثلهم وقح طائفي شريك في الجريمة.
أليس من خجل، أليس من ذرة أخلاق أو دين؟ فلتتوقف أغنية الشيطان الوقحة التي يسمونها تطمينات، على العلويين وكل من ساندهم بين الأقليات ولكي يبدؤوا رحلة التكفير “الطويلة” عن جرائمهم ويحفظوا وجودهم قبل ساعة العقاب الآتية لا محالة؛ عليهم الاعتراف والاعتذار علنا عن كل جرائمهم بوضوح والكف عن طلب تطمينات وضمانات، ولا يكفر عن كل هذه الجرائم معارضة بضع مئات منهم لهم مني كل المحبة والاحترام حتى لو انتقدوني بل وشتموني على ما أقول.
نحن “السنة” هم الضحايا السوريون، ونحن فقط من يحتاج لتطمينات وضمانات واعتذار، نحن فقط من يحق له تحديد من هو سوري ومن هو خائن، فالخونة لا مكان لهم في سوريا أعجبهم ذلك أم لا، رغما عن العالم الذي يساندهم في جرائمهم.
نحن لسنا مسلمي البوسنة ولن تمر الجريمة كما مرت هناك، البوسنة وصمة العار التي لا تمحى من جبين الكنيسة والغرب، فنحن سوريو الثورة بحكم العدد والحضارة والتاريخ والمحيط نمثل الأمة، نحن قلب سوريا، ونحن فقط من سيعطي شهادة الوطنية والانتماء والمواطنة ومن سيحكم سوريا الموحدة رغما عن العالم حتى ولو ضحى بكل الأقليات ومن ساندها من الأكثرية فردا فردا في محيط “سني” وأمواجه الهادرة لكن المتسامحة التي سمحت لهم بالاستمرار ولم تعاملهم كما عامل الغرب أقلياته، هي حقيقة من لا يتماشى معها شراع مراكبه فسيسحقه المحيط الهادر الجبار.
فليُعودوا أنفسهم على هذا الكلام، فأوان المعارضة التافهة قد انتهى ومصيرها مزبلة التاريخ أو المحاكم مع تياراتها وشخوصها، من هم بلحى من منافقين او أغبياء ضالين أو مرضى شهوة السلطة أو مغرورون فارغون يظنون أنهم المسيح المخلص الذي يحمل العلم الكامل في الدنيا والآخرة، وقليلي الدين بينهم أيضا، معارضة الداخل والخارج، قابلهم دي ميستورا أو اجتمعوا في أي عاصمة، تبنوا جنيف أو مقررات أخرى.
أعرف أن كلامي قاسٍ جدا، لكنه بحجم معاناتنا نحن “السنة” التي لم تحرك مشاعرهم ولا ضمائرهم، قاس نعم لكنه أقل قسوة بكثير من حجم معناة أطفالنا ونسائنا ومعتقلينا وآهاتهم، كلامٌ قاس نعم لكنه نقطة في بحر جرائمهم، فمن تجرح مشاعره هذه الكلمات كان من المفترض أن تحرك مشاعره جرائم طائفته أولا.
لكن أليس كلامي أقل قسوة من أقلوية طائفية قالت لي في الشهر الثالث للثورة والنظام يتسلى باصطيادنا في المظاهرات السلمية كالعصافير؛ قالت لي يومها كلاما لا أنوي أن أنساه: “حمزة الخطيب بيستاهل يللي صار فيه لأنو قليل ترباية”.
السلطة الرابعة : برلين : فواز تللو
تنويه : مقالات الرأي تعبر عن رأي وفكر كاتب المقال , ولاتعبر بالضرورة عن رأي ” السلطة الرابعة “