
السلطة الرابعة : مقال هام للدكتور يحيى العريضي: الإسراع بـ “اليوم التالي” أو ” تفاقم الانغماس”
“أصدقاء سورية” او “أصدقاء الشعب السوري” أو من اعتبروا انفسهم أعداء النظام؛ – وما كانوا يوما كذلك إضافة إلى أصدقاء النظام وداعميه- وكانوا على الدوام كذلك يجمعهم اليوم كلهم قلق بل ” هلع” من سقوط النظام قبل أوانه، أو من سرعة سقوطه. ويسوقون مبرراً لقلقهم وهلعهم أن /اليوم التالي/ بعد ” النظام” سيكون خطيرا على سورية. غريب أمر هؤلاء جميعاً؛ فهل مرّ شعب أو بلد بمخاطر وآلام وإرهاب منظم وعلى يد من تقلقون عليه كما مر على سورية وشعبها؟! حقيقة الأمر أنتم الخطر وأساسه وراعيه وحريصون أن يبقى. لماذا ؟ نعرف وتعرفون.
ليس كل ما يحدث هو مما كنتم تحسبون وتتوقعون؛ واحيانا ، تجربة كيماوية في مخبر لا تسير كما يرسمها الكيماوي؛ وهكذا ربما حالكم. انتم ترسمون؛ والله، وعذابات أهل سورية، وإرادة الخلاص، وأولئك الذين لم يبق لهم شيئاً في الحياة – حيث يطلبون الموت لتوهب لهم الحياة- قد يكونوا لخبطوا حساباتكم. دأبتم على تفصيل الأمور في سورية كيفما أملت عليكم مصالحكم ومخططاتكم الأنانية والمريضة ؛ والأمر الوحيد الذي لم تحسبوا له حسابا ولا اخذتموه بأي اعتبار كان حياة الانسان السوري أو كرامته.
لو أنكم مرة واحدة أخذتم حياة وكرامة السوري باعتباراتكم ، لما امتدت مأساة سوريا وأهلها كل هذا الوقت ؛ ولو أنكم تحسبون حساب ذلك الآن ، لما كنتم بحالة الاستنفار والهلع التي تصيبكم حول ما تسمونه / اليوم التالي/ في سورية. وهل بقي في سورية شيئا لليوم التالي الذي تفكرون به؟ وعلى أي سورية تريدون أن تبقون النظام حاكما؟ وهل بقي أصلا نظام لتبقون عليه حرصا أو خوفا على اليوم التالي؟
الآن تتحركون ؛ لا بفعل الحسابات المخبرية الدقيقة بل بفعل الخلل الحاصل بحساباتكم
فالنظام الذي تحافظون عليه يتهاوى نفسيا ومعنويا وجغرافيا واقتصاديا
داعش التي تشنون عليها حربا تتمدد وتستبيح كل ما ياتي بطريقها. فان كانت فزاعة في وقت ما وجرافة او كاسحة الغام لخدمة حساباتكم في وقت آخر ؛ ربما ترونها الآن بدات تفتح على حسابها وتتصرف (فرانكشتاينياً). تتصرفون وكأنكم لا تعرفون عقلية الملالي القائمة على استخدام واستغلال أدواتها الى أن أن يصبحوا على حافة التحول الى عبء ثم يرمونهم؛ وقد حان ربما رمي الملالي لأداتهم في دمشق؛ فتاتون للنجدة ظانين ان تلك الاداة لا تزال قادرة على الحرق.
طفح كيل الدب الروسي الذي يغوص في أوكرانيا، وتوترت علاقتة مع الغرب الذي ينشد رضاه، وما عاد يحتمل حماية صديق في دمشق يزيد استنزافه استنزافا عبر أخذه كل شيء وتنفيذه لا شيء تريده موسكو. انكم لا بد استشعرتم ارتفاع درجة حرارة الغليان في الدائرة الضيقة جدا للنظام . حقكم أن تقلقوا من انفجارها بلحظة مفاجئة لأن بوادر تساقط بعض الرؤوس منها لا بد كان ملحوظا لديكم….
لكل ذلك استنفرتم؛ وكان عنوان هلعكم “اليوم التالي”. نعم سيكون هناك يوماً تالياً؛ ولكن ليتكم- ولو لمرة واحدة بتاريخكم- تفكروا بانسانية، وتنهجون سياسة يكون فيها للإنسان قيمة.
أليست الغاية من اجتماعاتكم التي حملتم إليها هلعكم وخشيتكم في “سوتشي” فقط من أجل إطالة واستمرار النزف والدمار السوري بشراً وحجراً وروحاً؟ ألم ترتوا بعد من دمنا والتمتع بـ”الهولوكوست” الذي نعيشه؟ وهل تتصرفون بارادتكم أم أن قادة إسرائيل الذين راقهم الشعار الذي رفعه النظام، الذي تسعون للحفاظ عليه:/ الاسد أو نحرق البلد /، لا زالوا لم يتاكدوا من أن البلد احترق؛ وربما لديهم أمل حتى في استمرار الأسد مع حرق البلد؟ لما لا تكونوا صادقين ولو مرة واحدة مع أنفسكم وتعلنوها كلاكما : (فريق أصدقاء الشعب السوري علنا /أعداؤه ضمنا) و (داعموا النظام علنا وضمنا)؛ بأنكم متفقون على بقاء النظام بأي ثمن وهذه أدوار توزعونها على بعضكم البعض؛ ولا يهمكم النظام إلا بكونه أداة لأغراضكم، ولا تهمكم سوريا أو أهلها بل همكم الوحيد أن تكون إسرائيل راضية .
لابد للسوريين وكثير من شعوب العالم ان يبحثوا لأنفسهم عن كوكب آخر ؛ ربما عن آخرة تحت الأرض ؛ وتستغربون لماذا يقرر البعض أن ينغمس. لا بد أن تكثر الانغماسات وخاصة حيث تهنؤون. الاستعداد بإرادة طيبة والإعداد الصادق والاسراع باليوم التالي هي الوحيدة التي تحد وربما تنهي الانغماس وغيره.
السلطة الرابعة : د. يحيى العريضي