السلطة الرابعة : ناشطون وموظفون وإعلاميون في مؤسسات الثورة.. لسنا معارضين ولا ثوار !

السلطة الرابعة : ناشطون وموظفون وإعلاميون في مؤسسات الثورة.. لسنا معارضين ولا ثوار !

“لم أشارك في أية مظاهرة، كما أنني غير ملاحق، لكنني خرجت من سورية إلى تركية بحثاً عن لقمة العيش” بكل وضوح وصراحة وجرأة أخبرنا “فواز” هذه الحقيقة، وعلى الرغم من أنه موظف في إحدى مؤسسات المعارضة السورية إلا أنه يؤكد أنه ليس معارضاً ولا ثائراً، بل تربطه علاقات جيدة مع بعض الشخصيات المعارضة التي قدمت له المساعدة في الحصول على عمل، بعد أن اضطر إلى مغادرة مدينة إدلب منذ عامين، حيث ساءت الظروف المعيشية هناك، وأصبح تأمين الاحتياجات الأساسية للمعيشة شبه مستحيل.

يقول فواز: “كوني لست معارضاً أو ثائراً فهذا لا يعني أنني من أتباع النظام، هذه حقيقة يجب أن يدركها الجميع، وللأسف الثوار يقعون فيما وقع به النظام منذ البداية عندما أوضح بل وتصرف على أساس أن من ليس معه هو ضده بالتأكيد، لست ثائراً ولا منحبكجياً بل أنا مواطن سوري لا أرغب أن أكون ملاحقاً أو مطلوباً لأحد”. ويضيف: “أحصل هنا في “غازي عنتاب” على راتب جيد أعيش منه أنا وزوجتي وطفلي، كما أنني أستطيع الدخول إلى مناطق النظام في أية لحظة إن أردت، لأنني أعمل هنا باسم مستعار ولا يعرف اسمي الحقيقي إلا قلة ممن أثق بهم وأدرك أنهم لن يشوا بي”.

عدد كبير من الشبان والشابات الذين دخلوا مؤسسات المعارضة السورية أو الشبكات الإعلامية التابعة للثورة، كان الدافع لهم من أجل ذلك مادياً فقط، إذ أنهم لن يتمكنوا من العيش بالمستوى الجيد براتب حكومي يقبضونه في سورية من النظام لا يكفي لأيام قليلة، بعضهم كان اختراقاً لهذه المؤسسات وتم إرساله من قبل النظام، وتم لمس ذلك في كثير من الحالات لاسيما عودة كثيرين منهم إلى “حضن الوطن” بعد أن انتهت مهامهم المكلفون بها، كما أننا قد نجد أسباب أخرى لهذه الظاهرة وهي كثيرة ومتنوعة.

“سلمى” إحدى الإعلاميات التي تعمل في شبكة إخبارية مشهورة مقرها تركيا، كما أنها تكتب باسم مستعار في العديد من الصحف، وهي صاحبة قلم رشيق وأسلوب صحفي جاذب، أخبرتنا بقصتها وسبب مغادرتها لمدينة حلب على الرغم من أن أسرتها تعيش في مناطق النظام وتنعم بالأمان الذي يروج له قادة النظام في كل ظهور إعلامي ويتحدثون عنه.

تقول سلمى: “في بدايات الثورة كان لدي مشروع زواج بشاب أحبه ويحبني، إلا أنه غادر حلب متوجهاً إلى تركيا وكان اتفاقنا أن يرتب عملاً ما لألحق به بعد فترة، وبالفعل وصل خطيبي إلى أنطاكيا وحصل على عمل في إحدى المؤسسات الإغاثية، وخرجت من حلب عبر ريفها الشمالي وصولاً إلى تركيا، ولم يكن صعباً حصولي على عمل في إحدى الصحف المعارضة للنظام” وتضيف: “أنا صحفية ولا يهم إن كنت معارضة أو مؤيدة للنظام، بل ما يهم أن أكتب الواقع وما أراه من وجهة نظري حقيقياً، وبالفعل أنا أقوم بذلك، وللأسف أتعرض لهجوم من قبل المعارضين والمؤيدين معاً، لأنني لا أكتب ما يرغبون به، وأتحدث عن جرائم الطرفين فمن وجهة نظري أنهما شريكان في تدمير البلاد، ولا ألوم أي طرف أو أحمله المسؤولية وحده، يقولون عني شبيحة أحياناً إلا أنني لست شبيحة لكنني لست ثائرة أيضاً”.

يرى بعض الناشطون أن هذا الأمر خلل كبير بالنسبة لمؤسسات الثورة السورية، سواء كانت إغاثية أو إعلامية أو سياسية، بل ويؤكدون أن هذا من أهم العوامل التي تساعد على اختراق تلك المؤسسات من قبل النظام، بل وتسييرها بالشكل الذي يراه مناسباً لمصلحته، لاسيما في حين أصبح هذا الموظف الصغير في البداية في موقع من مواقع المسؤولية، ويعتقدون أن “الواسطة” و “المحسوبية” هي السبب الأساس في ذلك، وإلا فكيف سيصل هذا الشخص إلى المركز الوظيفي. ومن ناحية أخرى يشيرون إلى أن ناشطين وموظفين وإعلاميين من هذا النوع، غير الثائر وغير المؤيد وغير الملاحق، والذي قد يستطيع تدبر أمره في أي مكان، يتسببون بحرمان من قدموا التضحيات الكبيرة وتعرضوا للسجن والتعذيب، وأصاب الدمار منازلهم وبلداتهم.. من تلك الوظائف.

ويقول الإعلامي أبو شادي الديري: “باختصار شديد.. المعارضة تدفع رواتباً للشبيحة.. والثوار ينامون في الحدائق، وكل هذه المعهايير والمقاييس يمكن تجاوزها كما يمكن تحطيم كل القواعد إن كانت طالبة الوظيفة فتاة جميلة”.

محمد إقبال بلو: كلنا شركاء

شارك