
السلطة الرابعة : د.علاء الدين ال رشي .ما قاله السني ولم يقله العلوي. حسون وغزالة أمثلة !
بالأمس تم قتل رستم غزالة الضابط السني الاكثر عنفاً وقهراً وقمعاً للشعب السوري، ومن قبله سمعنا تصريحات عدوانية استئصالية من الشيخ السني أحمد حسون وجاهر فيها بسحق المدن التي خرجت من يد النظام !!!
لماذا يصر البعض على إصدار أحكام تعميمية جائرة بحق طائفة ما ويتمادى في ذلك، وينادي بالقصاص العام ضد مكون سوري في هذه الكلمات محاولة لاستعادة المسار الوطني والانساني للثورة السورية.
” ومن خلال دعوة لاستعادة مسار حقوق الإنسان في الثورة السورية “
لابد بداية من الإشارة الى أن إطلاق الأحكام الانفعالية المتبادلة بين النظام والمعارضة ( مجوس/ صفويين / وهابيين/ شيعة / تكفيريين / تم الدعس/ تم التطهير/ مؤامرة كونية / صمت دولي/ أين المنظمات الدولية/أين مؤسسات حقوق الإنسان؟!… ).
كل ذلك أدى إلى اهتمام كاف بالندب، والتشكي، والتخوين، ولم يجر التركيز والاهتمام الكافي على الحلول الفعالة لما يجري داخل سوريا …
لقد تم الاعتناء الشديد بالفعل بالعبارات والكلمات :
-( من هو القاتل ) ؟
– (من هو الضحية )؟!
(ضرورة تصفية الآخر)…
ووصل الأمر الى حرب وجود واصطفافات طائفية …
وفي المقابل لم تلق هذه الاستفهامات أي جواب :
– كيف نمنع ذلك؟
– كيف نستعيد ألق البلد وحق المواطن السوري في الحكم كما كان في الخمسينيات؟.
– كيف نضع حداً للقتل ؟
– كيف نكف عن التشكي؟!
– كيف لا نتبادل الأدوار مع النظام، ونمارس الظلم ذاته ولكن بمسمى آخر فنخوض معارك التشهير والتخوين مع من نختلف معه؟!
– كيف نكسب الجولة الأخيرة ونسقط النظام ؟!
– متى يعرف السوري من أين يبدأ الإصلاح السياسي والحراك والإعلام الثوري ؟.
– ومتى يدرك السوري أن الإصلاح الدستوري الحقوقي أولاً؟
– ومتى يتمرن السوري على الجهاد السلمي الجماعي، ليشكل جماعات حقوقية ضاغطة تكون عوناً للعمل العسكري الوطني الموجه ضد المليشيات التابعة للنظام أو للمتطرفين ؟.
لم يركز على ذلك بل بقيت هذه الأسئلة في دائرة ضيقة ومغيبة وفي حالات نادرة من الاهتمام !!!
دفع النظام بكل قوته نحو خرق وحرق المعارضة، ووقعت المعارضة في مكائد النظام وعلى التوالي فقد تم تحويل الثورة من نضال شعب من أجل الحرية والكرامة إلى صراع طائفي سني شيعي تتقاذفه الرياح الإقليميه والدولية…
مما أفقد الثورة زخمها الأولي وأضعفها داخلياً وخارجياً على مستوى الرأي الشعبي خاصة كما أن تم استجرار الثورة وابعادها من لباسها المدني الوطني الى العباءة والراية الدينية. إن الهوية الإسلامية التي صبغت الثورة حيدت قطاعات كبيرة من الشعب السوري التواق للحرية بسبب ضبابية الهدف الذي كان في البداية الدولة الديموقراطية ومن ثم تحول إلى الدولة الإسلامية، واستثمر النظام كل ذلك ليضرب الثورة و بقوة بحجة أنه يقاتل متطرفين ويدافع عن أقليات.
لم يتقدم الأسد ولا خطوة واحدة في الإتجاه الإنساني التصالحي داخل سوريا، بل امتدت عبثيته إلى الثورة مستمرا في تلغيم الثورة ونصب المكائد فأفقد الثورة كل شعاراتها الأولى ومشى الثوار خطوة خطوة إلى فخ النظام ومن غير علم ودراية …
كما لم يكن مفاجئا أن يستعير النظام العلماني خطاب المتطرفين في بعض الأوقات ويتحدث في مجلس الأمن وبلسان الدواعش ممثل النظام -بشار الجعفري- فيهدد المملكة العربية السعودية بقطع اليد إن امتدت إلى سوريا …
2
لم تتقدم غالب المعارضة بالرؤية المبدئية لضم أناس جدد من شرائح الشعب المتعددة في أطيافها ومكوناتها وذلك من خلال توفير المناخ الجاذب لتوسيع التحالف الوطني لإسقاط نظام قاتل، والتفكير بشكل مغاير عن النظام الذي بدى في كثير من المواقف أذكى من معارضيه على الرغم من دمويته ووحشيته!!!
لم تفكر المعارضة بدراسة أفضل الممارسات لتفحص التكتيكات ولإيجاد الحلول أو للكفاح والثورة بصورة أكثر أخلاقية ومراعاة لحقوق الإنسان وبعيداً عن الانتهاكات المتواصلة للقيم المدنية والاخلاق الدينية والهوية الوطنية …
كما لابد من الإشارة الى فخ النظام الذي أوقع الثورة في العسكرة ومن ثم فان تحول الثورة إلى العمل المسلح جعلها تفقد استقلاليتها تجاه الممولين الذين تختلف أهدافهم بشكل تام عن أهداف المواطن السوري … فهذه الدول لم تدعم المسلحين من الثوار من أجل تحقيق الديموقراطية وإعلاء كلمة الحق والدفاع عن حقوق الانسان وانما دعمت لأهداف استراتيجية تتعلق بعلاقاتها العدائية مع المحور الشيعي كما يسمونه وهذه اللعبة تجمعت حولها معظم دول المعسكر الغربي والدول العربية الحليفة لهذا المعسكر … والذي ادخل الثورة في متاهات الصراع المسلح السني / الشيعي …
إن الثورة التي ينبغي أن توجد مجالاً سياسياً أكثر أماناً للمجتمع،وتعلم أتباعها تحمل الاختلاف، حوصرت وبشكل ممنهج من الأصدقاء قبل الأعداء…
لكن أخطر ما عانته الثورة السورية خلال سنواتها الماضية ، هو تكاتف و تحالف فقهاء الظلام من النظام ومن بعض المحسوبين على الثورة مع نظام الاستبداد الأسدي؛ وتمركز قرار هؤلاء في طبقتي رجال دين وسياسيين قتلة وثوار بأجندات خارجية ، لقد شكلوا تحالفاً غير مكتوب، بوعي أو من دون وعي، وصار تحالف الفئتين المتضادتين ؛ من أسباب وأد الثورة وإطالة عمر النظام، ودفن حرية الرأي، والتعبير الفطري السليم، والتي برزت في أول الثورة( الشعب السوري واحد)، فتعطلت القوة المجتمعية المدنية، ووئدت قيادات المجتمع المدني وعلت الرايات الدينية وتم إقصاء رموز وشعارات الثورة بل وعلم الثورة .
إن القمع المتكرر والاصطفاف المذهبي ( من النظام والمعارضة) أفضى إلى الفشل، والفشل جر إلى الإحباط واليأس والشلل العام وهذا ما نلحظه عند السوريين في المنفى وفي الداخل ، الأمر الذي أدى إلى تعطل التجمع المدني الحر.
لقد استبدلت فعاليات الثورة والمجتمع المدني الشعبي المستنير الفعال؛ بقيادات فقهية عدوانية علمانية( تتمترس بخطاب داعش) تارة ودينية سلطانية مقموعة قامعة هشة ، لا تهش ولا تنش ، يحملها الناس فوق طاقتهم، وهي منقادة إلى الحكام والاستخبارات الدولية والمحلية والجهل أيضاً ، تدور في مدارات النظام وكذلك من المعارضة من يسير في فلك النظام وهو يعاديه، والكل توافق على تركيع الشعب ، وليتم تشكيل راي عام غير مستنير، تغره ويغرها، فضعف الطالب والمطلوب.
3
ومن غرائب النظام أنه علماني يتقنع بستار ديني لكنه بدهاء وذكاء يقود الحرب الإعلامية لمصلحته فيبرز فقهاء الحول ورجال الدين والطغيان من الذين كنا نراهم قبل الثورة يناودون بالصبر على جور السلطة منعاً للفتنة ،بل لقد ادخلوا طاعة الحكومة في مسلمات العقيدة، وهؤلاء أحجار لعب بيد الحاكم لا يستندون إلى نص قطعي صريح صحيح في الإسلام يوجب اخضاع الشعب لارادة الحاكم فالحكم ذلك الظل الموبوء الا انه طل الله في الأرض.
الحكم في الاسلام وكالة عن المجتمع ، والوكيل عن الشعب مقيد بإرادة الشعب الذي وكله، وكل النصوص التي تخالف هذا المبدأ، ويتذرع بها فقهاء غبش القتل، لا تصح نصا أو لاتصح تفسيرا، قد تكون مكذوبة أصلا، أو متشابهة، يضربون بها النصوص المحكمة، وإنما هم حراس الوثنية السياسية الجديدة الطائفون حول الطغاة، وذلك من أكبر الاخلالات بالتوحيد.
لكن هؤلاء الموادعون للسلطان والمحسوبون على نسيج المجتمع الأكبر ( السنة) كانوا اكثر إيلاما وألماً من غيرهم …
أفتى السني المفتي الشيخ أحمد حسون بضرورة إبادة المناطق الخارجة على النظام السوري!!!
وبغض النظر عن تفاهة شخص المفتي وإجرام هذه الفتوى، ومعرفتنا المسبقة أن النظام ليس بحاجة إلى مفت ليبرر ويشرعن قتله لكن ما فائدة هكذا تصريح للنظام ؟!
ما قاله السني يبين ويبرر إعلامياً أن النظام ليس طائفياً، وأن معركته ليست مع السنة، وإنما مع المتطرفين…
ولكن هناك جانب مهم آخر وهو أن المعركة التي يقودها النظام معركة وطن وليست معركة طائفة فهذا السني معه وهو مرجع علمي وطني ينتمي الى الغالبية؟!
إنها خطوة إعلامية ذكية قابلها ويقابلها تبسيط من الخطاب الثوري وبعفوية …
لقد قال هذا السني ما لم يقله العلوي فهل ندرك ونتدارك ؟!
إن حسن نصر الله لم يصرح يوماً أن ميلشياته تقاتل السنة في سوريا بل التكفيريين رغم وضوح كذبه لكن كسب المعركة الإعلامية مهم.
في المقابل نصرح عن بطولاتنا في سحق الصفويين والشيعة ونعيش فتناً جهزها لنا النظام ليحرقنا بها فنعينه على أنفسنا ؟!
لماذا لا يستدرك الخطاب الثوري ويوجه رسالة إعلامية تأمينية وتطمينات الى الأقليات أننا ثورة ضد الطائفية وأننا نرحب بكل مكونات الوطن وانتماءاته العرقية والطائفية التي تحرم وتجرم القتل وتقف ضد النظام؟!
لماذا البعض يعد حسوناً تابعاً للنظام ولا يعد أن كل السنة تابعين للنظام ؟! ولماذا يعد بشاراً يمثل كل العلويين ولا نقول إنه يمثل الأمن والطائفة الأمنية ؟!
لماذا نقول: إن حسوناً يمثل نفسه ولا يمثل السنة ؟! ونقول : إن بشار هو كل العلويين، ولا يمثل ذاته؟!
وفي المقابل أيضاً نصدر أحكاماً على كل العلويين والطوائف الأخرى من الأقليات بالإعدام الجماعي ؟!
لماذا لا نقول : إن العلوي والشيعي والدرزي والإسماعيلي والآشوري والكوردي والكلداني ووو على العين والرأس وهم مكونات الوطن مالم يكن قاتلاً.
لا فرق بين أي مكون إلا بمدى وطنيته أو خيانته؟!
ألم يكن النظام أذكى منا عندما ركز على الاستثمار الطائفي بينما نحن حولنا التعدد الطائفي الى قتل وتصفية ؟!
لماذا لا نطالب الشيعة بأن يعودوا إلى تراث الحسين ويقفوا مع الشعب السوري ؟!
لماذا لا نعلم الشيعة أن عدواتنا ليست لهم كطائفة بل عدواتنا لكل مقاتل شيعي يقف مع النظام بمثل الدرجة التي نعادي فيها داعش التي تدعي السنية وحالش الشيعي (حزب الله ) ؟!
لماذا لا يفكر الخطاب الثوري أن يتوجه إلى الداخل الإيراني ليبرز قضيته مثلاً، وليسقط دعاوى النظام ؟!
لماذا لا نستعيد المسار الوطني والانساني للثورة ؟! ونفوت فرصة النظام في حرق المجتمع الان وتلغيمه الى مابعد السقوط؟!
ان المواطن السوري في الغوطة الشرقية الذي يعانق الصاروخ الذي سقط على أرضه ولم ينفجر وتبدأ زغاريد النساء تنطلق ليس لأنه لم ينفجر بل لأن الصاروخ رزق ساقه الله لهم وسيبيعونه إلى قوة عسكرية ثورية تعيد تشغيله!!!
ذلك السوري المحاصر الذي يأكل بثمن صاروخ جاء ليقتله… لا يحتاج الى خطاب طائفي يقتله بل إلى خطاب إنساني يجمعه…
إن تصريحات حسون السني وموت غزالة السني القامع الجلاد يعطيان الدرس ويمنحان فرصة جديدة لاستعادة المسار الوطني وحقوق الانسان للثورة فهل سنعيه؟!
الدرس باختصار :
النظام ليس علويا، وضرورة الخروج من أي شعار طائفي …
طائفة النظام الأمنية هي من كل ضعاف النفوس من المكونات السورية.
خصومتنا ليست لطائفة دينية بل للطائفة الأمنية للنظام ومن كل السوريين…
سوريا لكل الطوائف.
خصم سوريا هو عدو الطوائف (بشار وآلته الأمنية الطائفية).
سوريا للجميع وفوق الجميع.
زمن الطائفة الكريمة والطائفة اللئيمة ولى وزمن المواطنة والوطن هو القادم وهو الأحلى …
السلطة الرابعة : د. علاء الدين آل رشي رئيس المركز التعليمي لحقوق الإنسان في ألمانيا …
تنويه : مقالات الرأي تعبر عن رأي وفكر كاتب المقال , ولاتعبر بالضرورة عن رأي ” السلطة الرابعة “