
السلطة الرابعة : محمد جسري : روسيا مجدداً و الدور الروسي في غياب باقي الأدوار !
تشهد موسكو هذه الأيام نشاطاً ديبلوماسياً أكثر حراكاً فيما يتعلق بالقضية السورية، لكن مالذي يجعل روسيا لا تستطيع أن تحرك ساكناً في الملف السوري دون ايران ؟ غالب الظن أن الروس يدركون أن الايرانيين هم الرأس الثاني لأفعى الاحتلال في منطقة الشرق الأوسط.
هذه المنطقة التي لو كتب لها الاستقرار و الازدهار لما كان لروسية أي دور فيها. فقط الحروب و الدمار هي التي تجعل للروس فرصة دور في هذه المنطقة، الدور الذي يبحث عنه كل من يرى أن باقي الأطراف قد تخلت عن أدوارها، فتراه يفكر بالدور الروسي فعسى و لعل…. لكن هل فكر العرب يوماً ما الذي استفادوه من الروس عبر عقود ؟ أو مالذي يمكن أن يستفيدوه اليوم و غداً ؟ أو بصيغة أخرى هل فكروا بمدى الضرر الذي لحق بهم من جهة الروس ؟ من المعيب أن يفكر الديبلوماسيون أن مفاتيح الحل قد تكون في موسكو، فجميع قدرات موسكو “إذا تركزت” يمكن أن تُنتج تعطيل أي حل محتمل، و هذا ما فعلته كل مرة.
ولو أن الظروف سمحت لموسكو أن تقدم حلاً للوضع السوري يوماً، فهذا معيب جداً في حقها أيضاً، موسكو التي ستثبت وقتها أنه كان بإمكانها تقديم حل و فرضه، كانت قد تباطأت إلى أن سال نهر دم السوريين و تحوّل إلى بحر لم يشهد التاريخ المعاصر مثله. و بغض النظر عن التصريحات التي صدرت عن سياسيي موسكو بأنهم لن يسمحوا للأكثرية بحكم سورية، سيبقى الهم الوحيد للروس هو الحفاظ على قاعدتهم البحرية في طرطوس، حتى لو لم يبق من سورية غير طرطوس “وهذا ما يفسر التسريبات التي تصل من موسكو عن حل تقسيمي يقسم سورية إلى أربعة دويلات”، حلٌ ليست يد ايران الملوثة بعيدةً عن طرحه. فآخر هم ساكن الكريملين كيف يموت الشعب السوري “الصديق” يومياً و على مدار الساعة بقذائف الأسلحة الروسية و بالفيتو الروسي الذي استخدموه مراراً في مجلس الأمن لحماية النظام.
قد تكون الاتصالات و الزيارات المتبادلة بين الروس و السعوديين مبررة ضمن إطار “عسى و لعل” لكن، بعدما ظهر الدور الروسي فاضحاً، كان على السعوديين أن يعلنوا إفلاسهم من هذا الدور، و أن يوجهوا رسالة واضحة إلى موسكو تفيد بأن الموقف الروسي من الوضع السوري هو سبب هام في كارثة السوريين و أنهم لا يرجون منهم حلاً لا في المرحلة الحالية و لا في المراحل القادمة، و كان عليهم أيضاً أن يوجهوا رسائل مماثلة إلى العرب أن موسكو ليست الوجهة الصحيحة لرحلاتهم السياسية.
السلطة الرابعة : محمد عبد الوهاب جسري