
السلطة الرابعة : أحمد رياض غنام … تركيا والحسابات المعقدة !!!
تراقب تركيا الوضع السوري الداخلي ومايجري على حدودها بشكل خاص مراقبة لصيقة للأحداث بل ومتدخلة في وقعها التكتيكي لكي لاتخرج اللّعبة عن السيطرة . ولكن هذه المراقبة محكومة بضوابط عدة لايمكن لتركيا التهاون بها او تجاوزها في آن . فتركيا المهددة بأمنها الداخلي تدرك خطورة التدخل العسكري في سورية وماسيترتب عليه من تبعات داخلية وخارجية . وهى بحاجة لوضع داخلي متماسك من حيث الحكومة والبرلمان والجيش والمخابرات . مما يضطهرها للعزف على الوتر القومي التركي ومصالحها المهددة متجاوزة التنوع العرقي والمذهبي المقوض لوحدتها الديمغرافية ولكن ضمن الحدود المقبولة حتى الآن .
وبذات الوقت فإن اي قرار تركي على المستوى العسكري لايمكن له ان يتم دون تفاهم واضح مع المايسترو الأمريكي والحليف العسكري الناتو . فتركيا ليست مطلوقة اليد بشكل كامل او حتى مقبول في القضايا التي تشكل تحدي للمنطقة ولمصلحة الأمريكي المرتبطة بإسرائيل والتي لم تحّسم بعد . ورغم كل المحاولات التركية لإظهار ذاتها الكبرى فإنها مقيدة ومحكومة بجملة من التفاهمات الأوربية والأمريكية بأبعادها الإقتصادية والسياسية والتي لاتسمح بالتفرد وإحداث خلل في خارطة المصالح المبنية على حسابات دقيقة تتجاوز اي حكومة تركية مهما كان شكل تلك الحكومة او من يديرها .
وتعتبر المؤسسة العسكرية بيضة القبان في هذه المعادلة القائمة مع وجود هامش للمناورة يراعي مصالحها وامنها القومي في حال التهديد .
تمثل الحدود التركية السورية اليوم تهديداً خطيراً يدركه الجميع وتركيا تقف امام خياراتها الصعبة وتدرك صعوبة إتخاذ القرار بالتدخل المباشر في سورية مما يستدعي منها اتباع سياسة التهويل والتهديد وإرسال الرسائل المنبهة للأمريكي والإيراني على حد سواء وذلك لتخفيف الضغط على حدودها من قبل الطرف الأمريكي المطالب بدور تركي في مواجهة داعش .!! وجر قدمها لحالة من الحرب لايمكن التكهن بنتائجها وبذات الوقت الوقوف في مواجهة الدعم الإيراني للقوى المسلحة الكردية المرتبطة بالنظام وإيران على حد سواء والتي تعمل على تشكيل كيان كردي مفترض يهدد وحدة تركيا الداخلية ويفتح الباب على صراعات داخلية خطيرة فالوضع الداخلي التركي يمثل عامل قلق كبير لأصحاب القرار في تركيا .
وإتباع سياسة الحيّطة والحذر سيكونان هما الأقرب للأداء التركي وسيرافقهم الكثير من الرسائل القوية للأمريكي والإيراني وللنظام السوري على حد سواء . وتحالف الأحزاب القومية وحزب العدالة يسمح بتمرير هذه الرسائل بشكل يؤخذ بعين الإعتبار داخل الدوائر السياسية الأوربية . والعين التركية ستبقى مفتوحة لكل تغيير سيحصل على حدودها ولن تسمح بإقامة كيانات هناك
وهو الخط الفاصل بين التدخل من عدمه اي ان مايحرك تركيا في سورية هو مصلحة امنها القومي والتي لاتتناقض والمصلحة السورية في الحفاظ على سورية واحدة موحدة . وفي حال إتخذت تركيا قراراً بالتدخل العسكري في سورية وهو امر مستبعد حتى الآن فإن هذا التدخل سيكون مرعياً امريكياً ولاأظن ان الظرف يسمح بذلك ورغم تواتر الحديث عن تحشدات عسكرية وحراك سياسي ستظهر نتائجه اليوم او غداً على ابعد تقدير فإن التدخل العسكري التركي لن يكون امراً يسيراً كما يعتقد البعض فالمستنقع السوري يفتح فمه لكي يبتلع كل ماهو قادم من وراء الحدود ليعيد هضمه وفرزه أجندة جديدة وتورط جديد لانهاية له …
السلطة الرابعة : النمسا : أحمد رياض غنام