العميد أحمد رحال: نسف مبنى المخابرات الجوية يرسم خارطة جديدة لـ “دي مستورا”

العميد أحمد رحال: نسف مبنى المخابرات الجوية يرسم خارطة جديدة لـ “دي مستورا”

الخريطة المتهالكة التي يحملها دي مستورا ويعرضها في كافة العواصم التي يزورها, في محاولة منه لترويج خطة كتب لها أن تكون ميتة قبل أن تنطلق, تلك الخارطة كان لابد لها من تغيير, وتغييرها أتى من ثوار حلب وعلى اتجاهين.

في الاتجاه السياسي كان رد اللجنة السباعية الممثلة لهيئة ثوار حلب هو ما يجول داخل كل السوريين من الرفض المطلق لتلك المبادرة, كونها لا تحقق الحد الأدنى من تطلعاتهم, إضافة إلى رفض ثوار حلب تجميد القتال في جبهاتهم على حساب دماء إخوانهم في جبهات درعا ودمشق وادلب والساحل, وربط أي عملية تهدئة أو تجميد قتال بأن تكون عبر سلة متكاملة, لا تغفل معاناة أهل الغوطة الشرقية والغربية ومخيم اليرموك وسكان حي الوعر وكافة المناطق المحاصرة ولا تستثني بقية المناطق المشتعلة في كافة جبهات القتال في سوريا.

في المقلب العسكري كان الرد نوعياً وفارقاً, فمبنى المخابرات الجوية الذي يكرس وجود النظام وعصاباته في الجزء الغربي من حلب, أصبح في خبر كان, بعد نسف المبنى وانشطاره لقسمين, أحدهما أصبح ركاماً والآخر متهالكاً, بعملية نوعية تم التحضير لها عبر شهور من الرصد والمراقبة والتقرب والتلغيم, ونتيجة هذا الجهد تم التخلص من أكبر معقل للنظام بمن فيه (معلومات غير مؤكدة عن مقتل اللواء أديب سلامي), بعد أن أذاق هذا الفرع كل زائريه من المعتقلين مر العذاب والتنكيل وأصبح قلعة تحمل الموت للمناطق المحررة داخل وخارج حلب عبر الأسلحة الثقيلة التي تموضعت فيه وعلى أطرافه.

تفجير مبنى المخابرات لم يكن هو الثمرة الوحيدة لعمل الثوار عسكرياً في الرد على مبادرة دي مستورا, بل رافقته عدة أعمال متزامنة ومتشابهة داخل حلب وفي ريفها وعلى بقية الجبهات, ففي الراموسة تم تفجير معمل الغاز الذي تتحصن فيه عصابات النظام مع تدمير حاجز المنطقة الحرة وقتل من فيه, وفي جبهة ادلب قام الثوار بالتوغل لداخل حاجز المعصرة غرب أريحا وتم تفخيخه وتفجيره, أما في الساحل فقد لاحظ الثوار أن هناك مبنىً في أطراف قرية عين الجوزة, يستغله النظام في عمليات القنص والتقدم إليه لرصد حركات الثوار, فتسلل إليه الثوار بعملية نوعيه وقاموا بتلغيمه وتفجيره مع أول حضور لقوات النظام إليه لتقتل من كان فيه.

من خلال ما سبق نجد أن الثوار هم كل يوم في تكتيك جديد, وان الثورة لن تعدم وسيلة للوصول لأهدافها, وتبرز بشكل واضح أن تكتيك المواجهة مع المحتل الإيراني وعصابات الأسد هو في عملية تبديل وتطوير, وبما يتوافق مع الوضع العسكري على الأرض, فمن مواجهة إلى حرب عصابات ومن تلغيم إلى قنص ومن كمائن إلى اغتيالات (كان آخرها اصطياد العميد علي درويش واثنين من مرافقته عبر عملية متقدمة في قلب العاصمة وداخل المربع الأمني للنظام).

تنوع أساليب القتال وتغيير التكتيك المتبع في أساليب المواجهة, هو الأسلوب الأمضى في إنهاك قوات النظام وأتباعها, فـ مع التوغل الشيعي لعصابات حزب الله والحرس الثوري الإيراني ومرتزقتهم في كافة الجبهات السورية كان لابد من تلك التغييرات في أساليب القتال.

وإذا ما أضفنا التسريبات الواردة من اجتماع نادي ضباط اللاذقية ندرك ما يضمره النظام لإخماد نار الثورة, الاجتماع الذي ضم قادة من (روسيا وإيران وحزب الله إضافة لثلاثة ألوية من ضباط النظام), والذي أقر خطة عسكرية بتمويل إيراني وسلاح روسي ينتظر وصوله إلى مطار حميميم في جبلة على الساحل السوري, لإعادة اجتياح حلب وقطع خطوط إمداد الثوار الشمالية وفك الحصار عن نبل والزهراء ومن ثم إعادة العملية في ريف إدلب الشمالي, وبالتالي تقديم خارطة عسكرية جديدة للمبعوث الأممي دي مستورا تكون الضامنة لبقاء سيطرة النظام على القطاع الشمالي من سوريا, كي يلتفت للجبهة الجنوبية ويتفرغ بقواته هناك, في محاولة منه لإيقاف تقدمها الذي يهز العاصمة دمشق ويضع نظام الأسد على كف عفريت.

إذاً, هي معركة كسر عظم, النظام يريد تحييد الشمال ليتفرغ للجنوب, والثوار أعلنوها حرباً شاملة عبر فتح كافة الجبهات ووحدة الدماء, معركة موحدة تشتت قوات النظام وتنهك داعميه ومسانديه, تغيير أساليب المواجهة تصب في خانة الثوار, ويبقى رد النظام في مزيد من القتل, مزيد من الدماء, مزيد من قتل المدنيين والأبرياء, مزيد من براميل الموت, ويبقى المجتمع الدولي صامتاً عن أكبر مجزرة يرتكبها ديكتاتور وقاتل في تاريخ البشرية.

العميد أحمد رحال

شارك