
السلطة الرابعة : محمد دركوشي .. قصيدة “سلامٌ على دركوش” إلى روح شهدائها وأزهارها وجبالها ونهره .
سَلامٌ عَلَى دَرْكُوشَ دَارِ الأَكَارِمِ
وَمُعْجِزَةِ العَاصِي عَروسِ الأقَالِمِ
وَهَلْ جَنّةُ الفِردَوسِ إلا ريَاضُها
بهَا الحُسْنُ ألقَى رَائِعَاتِ المعَالِمِ
بَسَاتينُ أزهَارٍ وَمَجرَى جَداوِلٍ
وَمَلعَبُ أطيارٍ وَمسْرَى نَسَائِمِ
تَشُعّ المَعَاني في حَديثِ جمَالِها
وَتَزْهُو القَوَافي عِنْدَ عَدّ المَكَارِمِ
فَلا عَبقَريُّ الشّعرِ يُسْعِفُ وَاصِفاً
وَلا لُغَةُ الأَعْرَابِ تَكفي لنَاظِمِ
إذَا رَسَمَ الرّحمنُ للحُسْنِ بَلْدَةً
فَسَبّحْ بحَمْدِ الله أحْسَنِ رَاسِمِ
***
سَلامٌ عَلى تِلْكَ الأمَاسِي حَمِيمَةً
وَقَدْ أصْبَحَتْ مِنْ عَهْدِهَا المتقَادِمِ
عَلَى ضِفّةِ العَاصِي نَدُعّ هُمومَنَا
بِكُلّ مُحَيّا ضَاحِكِ الثَغْرِ بَاسِمِ
وَتَنْدَى نُفوسُ العَاشِقينَ يَبُثّهَا
حَديثَ الهوَى مِنْ مَوجِهِ المُتَلاطِمِ
وَبالنغَمِ النشْوَانِ يَهمي كَدِيمَةٍ
يَذوبُ السّهَارَى بَينَ هَاوٍ وَهَائِمِ
يَنَامُ خَلِيُّ القَلبِ غَيرَ مُسَهّدٍ
وَلكنّ شَوقَ المبتَلى غَيرُ نَائِمِ
وَكَمْ يَنْثَني لَيْلُ المحِبّينَ خِلْسَةً
وَفي النفْسِ تَوقٌ للخَيالِ المنَادِمِ
****
سَلامٌ عَلى أرْضِ السّلامِ وَأمْسِهَا
وَقَدْ لَفّهَا اليومَ الرَدَى بالمآتِمِ
سَلامٌ على الأطْهَارِ يَومَ تَناثروا
بسَاحِ المعَالي كاللآلي الكَرائِمِ
غَداةَ دَعَا البَاغِي مِنَ الحِقْدِ تالِداً
وَأَلقاهُ نَاراً فَوْقَ شَعْبٍ مُسَالِمِ
سَجَاياهُ زَرْعُ الحبّ في كلّ شَارِعٍ
كَمَا يَزْرَعُ الجُوريَّ طَلقَ المبَاسِمِ
سَلامٌ عَلَى طِفْلٍ وَشَيْخٍ وَحرّةٍ
حَمائِمُ تَحيَا في نُفوسِ ضَرَاغِمِ
وَمَا همْ بعُشّاقِ المنَايَا وَإنّهَا
سَبيلُ الضَحَايَا في اتّقَاءِ المظَالِمِ
إذَا مَا رَأى القَومُ السّلامَةَ مَغْنَمَاً
رَأوا في لِقَاءِ اللهِ أسمى المغَانِمِ
وَمَدّوا جُسوراً للحَياةِ جُسُومَهمْ
لنعبُرَ في فَجْرٍ مِنَ النّورِ قَادِمِ
فَوَالله لو قَضّيتُ عُمْريَ بَاكِياً
عَليهمْ بمنهَلّ مِنَ الدّمْعِ سَاجِمِ؟
لَمَا نَقَعَ الأحْزَانَ فَيضُ مَدامِعي
وَلو أسْعَفَتْ عَيني ثِقَالُ الغَمَائِمِ
وَلكِنْ عَزَائي في الأحَبّةِ أنّهُمْ
بِعَدْنِكَ أحْيَاءٌ أيَا خَيرَ رَاحِمِ
***
سَلامٌ عَلى دَركوشَ حِينَ تَوَشّحَتْ
بِسَيْفِ السّنَا تَفْرِي خَبِيثَ الأرَاقِمِ
عَلى بَابِهَا الشّرقيِّ خَرَّ مُضَرّجاً
وَفي المَدْخَلِ الغَربيِّ فرّ كَحَائِمِ
فَلا تَعْجَبُوا مِنْ رَوْضَة الزّهْرِ كَنّسَتْ
جَحَافلَ سَفّاحٍ مِنَ الفُرسِ غَاشِمِ
إذَا كَبّرَ الصُفْصَافُ حَوْلَ ضِفَافِها
وَثَارتْ سَرَايَا اليَاسَمينِ الُمقَاوِمِ
إذَا غَضِبَ الرّمّانُ زَينُ حُقولِها
وَهَبّ مَعَ الزَيتُونِ مَنْ ذَا بِسَالِمِ؟
أمَا أطْلَقَ العَاصِي الرَصَاصَ عَليهِمُ
كَمَا حَمَلَ الرشّاشَ وِرْقُ الحَمَائِمِ
وَفَجّرَ بالبغي البَنَفْسَجُ نَفْسَه
وَقَاتَلهمْ عُشْبُ الثَرَى بالصَوَارِمِ
تَكتّلَ ضَعْفُ الحسْنِ والحقّ سَيْفُه
فَأترَعَ جَيْشُ القُبحِ جَامَ الهزائِمِ
****
سَلامٌ على سَيْفٍ لِشَعبي امتِشَاقُه
وَليسَ عَلى سَيْفٍ لأرْعَنَ حَاكِمِ
فَمَا كلّ نَصْلٍ بالعَدُوّ مُخَضّبٍ
كَرِيماً وَإنْ سَلّتهُ فَتوَى العَمَائِمِ
فَللحَقّ أسْيَافٌ إذَا مَا تَجَرّدَتْ
تَهَدّمُ أرْكَانُ العُروشِ الظَوالِمِ
لكَ الوَيلُ يا مَولى المجُوسِ مُذمّمًا
أهَذي المخَازي مِنْ عَليّ وَفَاطِمِ!
شُمُوسُ الهُدَى مِنْ بَيتِ أحْمَدَ أشْرَقَتْ
أضَاءَتْ دَيَاجِيرَ اللَيَالي العَوَاتِمِ
أَحِزْبٌ يَرَى قَطعَ الرؤوسِ فَرِيضَةً
وَنَافلَةً هَدْمَ البيوتِ القوائِمِ!
فَوَاللهِ دِيْنُ اللهِ مِنْهُ مُبَرّأ
وَلَوْ لابِساً في الناسِ ثَوبَ المقَاوِمِ
سَنَمْحُو الأذَى بِالحُبّ مَهْمَا تَعَاقَبَتْ
عَلينا الليَالي بالخُطُوبِ التَوَائِمِ
سَتَبْقَى لنَا دَرْكُوشُ دَارَ كَرَامَةٍ
وَيَبْقَى لَكُمْ عَارُ الأعَادِي الغواشِمِ
السلطة الرابعة : ______________ شعر : محمد دركوشي