السلطة الرابعة : العميد الركن أحمد رحال: معارك الشمال مع داعش… تحرير سوري أم كيان كردي !؟

السلطة الرابعة : العميد الركن أحمد رحال: معارك الشمال مع داعش… تحرير سوري أم كيان كردي !؟

مما لا شك فيه أن المكون الكوردي استطاع وعبر قيادة (غير موحدة) من تحقيق نجاحات أخفق فيها الائتلاف الوطني لقوى الثورة, فقد فشل الائتلاف خارجياً حتى الآن بإيجاد غطاء سياسي وحليف دولي يشاركه ويسانده بحربه على نظام بشار الأسد وينهي مأساة الشعب السوري, ولم يفلح الائتلاف داخلياً أيضاً بإيجاد أي صيغة توحد وتجمع الفصائل المقاتلة على الأرض, فيما نجح الجانب الكوردي ببناء تحالفات سياسية خارجية تمثلت بتوافق مصالح مع الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي للحرب على الإرهاب جعلت من طائرات الغرب ظلاً لا يفارق الفصائل الكوردية في معاركها من أقصى الشمال – الشرقي السوري في مدينة الحسكة إلى أقصى الشمال-الغربي في بلدة عفرين, مروراً بمعارك عين العرب (كوباني) ومعارك سلوك وتل أبيض, أما سياسة الكورد في المجال العسكري الداخلي فقد تجلت ببناء تحالفات عسكرية مع النظام عبر المناطق غير المحررة في محافظ الحسكة ومدينة القامشلي (وتلك ليست تهمة نوجهها للمكون الكوردي لأن بشار الجعفري سفير النظام بالأمم المتحدة وصفحات شبيحة الدفاع الوطني في الحسكة هي من تحدت صالح مسلم أن ينكر أنه يتلقى دعماً عسكرياً ومالياً من نظام الأسد ونشروا له وثائق تثبت حقيقة ما يقولون على صفحاتهم) والمكون الكوردي برر وقوفه على الحياد بتلك المناطق بأنه غير قادر على تحمل نار النظام التي لا ترحم, متناسين أن الشعب السوري قرر المواجهة مع نظام الأسد وحلفائه بغض النظر عن التضحيات, النجاح الآخر للقيادة الكوردية كان عبر تحالفات مع الفصائل العربية في المناطق المحررة تكللت بغرفة عمليات بركان الفرات التي ضمت فصائلاً كوردية وفصائل من الجيش الحر, بالمحصلة نستطيع القول أن ما يسعى إليه المكون الكوردي هو حماية مناطق تواجد حاضنته الشعبية وإبعادها عن الدمار وفق المنطق الذي يتحدثون به, والنقطة اللافتة للانتباه أن الخلاف السياسي بين القيادات الكوردية على اختلاف تشعباته كان بعيداً كل البعد عن فصائلهم المسلحة على الأرض والتي قاتلت جنباً إلى جنب في معظم معاركها دون التأثر بخلافات أجنداتها السياسية, وتلك نقطة أيضاً لم تستطع فصائل الثورة تجاوزها بعد أربع سنوات من الصراع مع نظام الأسد.

نجاح معركة تحرير تل أبيض تحقق عبر تكتيك عسكري نتج عن التقدم من محورين: المحور الأول كان لوحدات الحماية الكوردية القادمة شرقاً من رأس العين والقامشلي وأطراف الحسكة باتجاه تل أبيض, والمحور الثاني عبر تقدم قوات غرفة عمليات بركان الفرات القادمة من الغرب, التقى الطرفان في محيط ناحية سلوك الواقعة جنوب شرق تل أبيض (12)كم, ومن ثم بدأ الهجوم شمالاً نحو أطراف وقلب مدينة تل أبيض التي حُررت خلال ساعات وتم طرد أو هروب كل عناصر داعش التي كانت تتواجد داخل المدينة.

ورغم أن الخطة العسكرية التي بنيت عليها معركة تل أبيض كانت محكمة التفاصيل إن كان من خلال حسن اختيار محاور التقدم أو من خلال الدقة والتنسيق العالي مع الضربات الجوية والتمهيد الناري الذي قدمته طائرات التحالف لكافة مراحل المعارك الدائرة في محيط بلدة تل أبيض, لكن نجاح المعركة فاق التوقعات حتى وصلت لمرحلة من التشكيك, فمعركة تحرير عين العرب (كوباني) والتي لا تعادل أكثر من ربع مساحة وعدد سكان تل أبيض ومع نفس الدعم الجوي الغربي, استغرق تحريرها ما يفوق الخمسين يوماً والعدو في الطرفين واحد هو تنظيم الدولة (داعش) … فما الذي تغير؟؟

عملية تحرير مدينة تل أبيض وعين عيسى وكامل الريف الشمالي والشمالي الشرقي لمدينة الرقة والتي رافقتها عمليات تهجير لكثير من القرى العربية والتركمانية وحتى الكوردية وصفت بالتطهير العرقي من قبل بعض الفصائل الكوردية التي نفت الأمر معتبرة أن كل ما جرى يقع تحت خانة ضرورات الحرب والخوف من نيران المعارك أو خطر الألغام بعد التحرير, لكن يبقى بعودة كافة المهجرين والنازحين من أهالي تلك القرى لمنازلهم ما يوضح حقيقة ما حصل ويكشف صدق أو كذب ما تم الحديث عنه من حالات التهجير القسرية, وتلك الاتهامات لم تكن من الجانب العربي فقط فالصحافة الأوروبية والأمريكية تحدثت أيضاً عن الأمر عبر تحقيقات صحفية ميدانية خرجت من أرض المعركة.

مع انتهاء تطهير تل أبيض ومحيطها من فلول تنظيم داعش, تقدمت الفصائل الكوردية مدعومة بفصائل من الجيش الحر جنوباً نحو بلدة (عين عيسى) ومقر اللواء (93) الذي سيطر عليه تنظيم الدولة منذ أقل من عام على حساب ميليشيات النظام, تنظيم الدولة أيضاً لم يقاتل في عين عيسى واكتفى بالتقهقر والانسحاب نحو مدينة الرقة لتسيطر الفصائل الكوردية على كامل الريف الشمالي لمدينة الرقة وليتم فتح الطريق نحو معقل وعاصمة خلافة البغدادي.

القرار الكوردي بوقف المعارك عند خط قرية (عين عيسى) التي تبعد (50) كم عن مدينة الرقة أوجد الكثير من التساؤلات, هل وصل الكورد إلى حدود خارطة الكيان الكوردي المزمع الإعلان عنه وبالتالي لا معارك خارج تلك المناطق؟؟ أم أن التحالف الدولي للحرب على الإرهاب أوقف التقدم نحو داعش ليضع إشارة استفهام وتعجب جديدة تشمل كل سياسة الغرب المشكوك بطريقة تعاطيها مع تنظيم داعش, رغم ان الولايات المتحدة الأمريكية اعتبرت الانتصارات الكوردية نموذجاً للتعاون مع الفصائل على الأرض يمكن البناء عليه بقتال داعش سواءاً في سوريا أو العراق.

يبقى سؤال نضعه بعهدة القيادة الكوردية وقيادة التحالف الدولي للحرب على الإرهاب:

طالما أن تنظيم داعش ينسحب ويهرب من المعارك وهو كما يتضح في أضعف لحظاته عسكرياً وطالما أن هذا التعاون هو نموذج يمكن البناء عليه مستقبلاً …. ما المانع من متابعة الهجوم نحو الرقة وتحريرها وصولاً إلى الخلاص من هذا التنظيم على كامل الأراضي السورية؟؟؟

بكل الأحوال نقول: نعم, الكورد لحق بهم الظلم الكثير من نظام الأسد (الأب والأبن)كما لحق الظلم أيضاً بمعظم مكونات الشعب السوري مع تفاوت النسب, لكن هذا لا يعني استغلال بعض الكورد للظروف التي تمر بها الثورة السورية ومن منطق القوة والضعف, لفرض إجراءات قسرية أو طرح أجندات انفصالية … الثورة السورية قامت وانطلقت لتطهير البلاد من نظام فاسد والعودة بسورية الموحدة ولكافة مكوناتها من أجل بناء سوريا المستقبل … سوريا الحرية والكرامة.

في قادمات الأيام سينجلي غبار المعركة وستظهر الحقيقة التي نأمل أن تحمل أجندة وطنية تحقق تطلعات جمهور الثورة وترسم مستقبل سوريا الذي يطمح إليه كل ثائر … رمضان كريم على الجميع.

السلطة الرابعة : كلنا شركاء : العميد الركن أحمد رحال محلل عسكري واستراتيجي

تنويه : مقالات الرأي تعبر عن رأي وفكر كاتب المقال , ولاتعبر بالضرورة عن رأي ” السلطة الرابعة “

شارك